يوميات العزلة
أوراق من سنة كورونا
اليوم الأول: يناير 2020
في أحد مساءات شهر يناير، قرأت تغريدة لمغردة مشهورة، عن انتشار وباء خطير في الصين، قاتل، وخطير، وسريع الانتشار ..
إذ تقول الروايات، إنه في أواخر شهر ديسمبر من العام 2019م، وأثناء استعداد الصينيين، لاقامة احتفالاتهم بأعياد السنة الصينية، انطلق من سوق الحيوانات والمأكولات البحرية، الواقع في وسط في مدينة ووهان الصينية – عاصمة مقاطعة هوبي – والمدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، فايروس خفي، جاب الطرقات، وأردى الوهانيين، صرعى، يخرون على أذقانهم .. يتساقطون، رجلاً إثر رجل، وسيدة تلو أخرى!!
وإنه نظراً لتفشّي المرض، فقد قررت الحكومة الصينية، فرض حظر التجول وإغلاق مدينة ووهان، وعزلها عن باقي المدن الصينية والعالم .. إلا إنه، وقبل الإغلاق، هرب من المدينة، ما يقارب خمسة ملايين شخص، وانتشروا في أرجاء المعمورة!!؟؟
اليوم العشرون من الجائحة:
وعند هروب الملايين الخمسة من البشر، فرّوا حاملين معهم الرذاذ، الذي انتقل لهم، من سوق الحيوانات الرطبة ..
سافر الخمسة ملايين، هارب، إلى عدد من القارات، وعاثوا، ناقلين للوباء إلى خمسة وعشرين دولة .. فالمسافر، يعود مشتاقاً، يبحث عن لقاء، وعناق .. فيما فرضت مدينة ووهان، وبالقوة الجبرية، الحجر الصحي، والعزل المنزلي والتباعد الاجتماعي، وإيقاف الأعمال والنشاطات، وارتداء الكمامات، بل وإغلاق المدينة بشكل صارم، حتى غدت مدينة للأشباح!!
اليوم الثاني والستين:
في اليوم الثاني من مارس 2020، أعلنت وزارة الصحة السعودية، تسجيل أول حالة إصابة لمواطن سعودي، قادم من إيران، ولم يُفصح عن مكان سفره ..
بدأت الأرواح تنقبض .. والأنفاس تضيق ..
اليوم الثالث والستين:
ها قد أعلنت منظمة الصحة العالمية، أنها جائحة عالمية، وأن التزموا بالتباعد الاجتماعي .. وسماع توجيهات حكوماتكم .. وأننا لا نعلم متى سينتهي هذا الوباء، لإننا لا نعلم كيف بدأ؟؟
ارتبك العالم .. اهتزت الأرض .. وتوقفت عن الدوران!!
ولأن العالم لا يكترث بأي منظمات عالمية، فقد استمروا بممارسة حيواتهم العادية، واحتفالاتهم، ومبارياتهم، وأعمالهم، حتى بدأت تضيق أنفاسهم، ورئاهم .. وبدأوا يتساقطون على الأرض، واحداً تلو الآخر .. اشتكت إيطاليا، من حالات غريبة، ووفيات بالآلاف، حتى عجزت دُور عباداتهم، وكنائسهم، عن دفن موتاهم، فاضطروا – في غسق الليالي – لنقل جثث موتاهم، لحرقها، والتخلص منها، خارج المدن، فالمدن، تلفظ أنفاسها ..
لم يُحسن الأهالي، توديع موتاهم .. ورحلوا وحيدين، كما جاؤوا ..
اليوم السابع والستين:
ذات ظهيرة، وبعد انتهاء محاضرتي للطالبات بمقر الجامعة، مازحتهن، أن هناك فايروس يدعى كورونا، ظهر في الصين، ويقولون عنه سريع الانتشار والعدوى، وأن موعد محاضرتنا الأسبوع القادم، سيكون لتقديم الوحدة الرابعة، من المنهج، ورجوت منهم التحضير والاستعداد، لكنني استدركت، وقلت لهم – مازحة – هذا إن لم تصل إلينا كورونا؟؟!!
فجر يوم 9 مارس 2020، أصدرت الحكومة السعودية قراراً بتعليق الدراسة، ومنع حضور الطلاب والطالبات للمدارس والجامعات.
ثم تبعه في فجر يوم 16 مارس 2020، تعليق حضور الموظفين لمقرات العمل – وأنا منهم –
ثم وفي فجر 23 مارس، صدور قرار منع التجول الجزئي، على مستوى الدولة.
- لم أكن أعلم، أنني لن ألتقيهن مرة أخرى، إلا عبر شاشة وكيبورد ومن خلال برنامج البلاكبورد .. وشبكة انترنت، تحمل أصواتنا مرة، وتعجز عن حملها مرات عدة ؟؟!!
تعليمات وزارة الصحة، تقول إنه يجب تجنب المخالطة، والبقاء في المنزل، وتكرار غسل الأيدي .. أصبحت أخشى من يدي، وأشك فيمن بجانبي، ومن مقبض الباب ..
وأردد (أكاد أشكُّ في نفسي لأني أكادُ أشكُّ فيكَ وأنتَ منّي)
أصبح وباء كورونا، وحشاً، يسير بكل حرية، في الطرقات، ويجوب المدن الخالية، ويخطف كل من يحاول الخروج من المنزل، و نحن، حبيسي منازلنا، لا نُغادرها.
اليوم العشرون بعد المائة في العزلة:
ونادى أئمة المساجد، أن صلّوا في رحالكم ..
صلّوا في بيوتكم ..
نداءً غريباً، لم يسبق لهذه الأجيال، أن سمعته، بل وأُجزم أن عشرات الأجيال السابقة، لم يسمعوا مثل هذه النداءات الحزينة ..
نداءات، أبكت أئمة المساجد، وفطرت قلوبهم، وقلوبنا ..
وفي عزلتنا الحالية، التي نعيشها الآن؛ بسبب جائحة وباء كورونا المستجد، أو كوفيد 19 .. فنحن نعيش في عزلة يشاركنا فيها قرابة سبعة مليار شخص، حول العالم، في حدث، لم يسبق له مثيل ..
جميعنا نلتزم بالبقاء في منازلنا، نستمع لتعليمات حكوماتنا .. ووزارات الصحة، ومؤشر منظمة الصحة العالمية .. نراقب الأرقام والاحصائيات اليومية .. نتحلق حول الأخبار والمؤتمر الصحفي اليومي، لمتحدث وزارة الصحة السعودية .. ترتفع الأعداد بشكل تصاعدي، وكلما أرتفع رقم، ارتفعت لدى والدتي، حدة التوتر والخشية، فهي تقرأ شريط الأخبار، وتتابعه باستمرار .. يدور شريط الأخبار، وتدور في رأس أمي ألف فكرة وفكرة .. وتزفر بألم، وضيق ..
تُتقن البقاء في المنزل، منذ ما يزيد على الخمسين يوماً حتى الآن، تراقب هي ووالدي، العالم، من خلال نافذة .. تتأمل الشارع، وخوائه، وانقطاع حركة الطريق ..
في بادئ الأيام، انتشرت القطط في الشوارع، والحواري، وتبادل الناس صورهم، وهم يتعجبون، خلو الأرض، من سكانها الأصليين .. أين اختفى سكان هذا الكوكب؟ وماذا ألم بهم، وكيف أصبحوا حبيسي المنازل والشقق؟؟
وما هي إلا أيام معدودة، وأخذت الأعداد العالمية للإصابات بفايروس كورونا المستجد، تتزايد، في العديد من الدول، كما تزايدت أعداد الوفيات في إيطاليا، وأمريكا، وفرنسا، في سباق دولي مريب ومخيف، كيف يحدث هذا لدى أعتى الدول، وأقواها اقتصاداً، ونظريات إدارة؟؟
- ما هذا الفايروس، الذي هزمهم في عُقر ديارهم؟؟
- …………………
- ها هو العالم، حقاً يصبح قرية كونية، فالفايروس الذي ابتدأت شراراته من مدينة ووهان في الصين، ها هو يكتسح، ما يزيد على مئتين دولة حول العالم، ويطوف أرجاء الكرة الأرضية، دون حسيب أو رقيب!!
- وها هو يصرع ما يزيد على مائة وخمسون ألف شخص، حول العالم، فيما يهاجم ويصيب ما يزيد على اثنين مليون ضحية
اليوم أشعر بضعف، أوشك أن أتهاوى .. أتظاهر بالتماسك أمام والدتي، فهي بالكاد، تقاوم الخوف والفزع، والعزلة ..
دموعي، تكاد تغالبني، فأغلبها .. وأرجو أن لا تخذلني ..
فتحتُ جهاز الكمبيوتر، استعداداً للمحاضرة الافتراضية، استجمع قواي، الحنين للحياة، للركض .. لم يعتد مني الطالبات، أن أظهر منكسرة، أو أن يبدو صوتي محبطاً .. استجمع طاقتي، أشد ظهري، وأتذكر أنني كتبت البارحة في دفتري (استقم، كشجرة، يتكأون عليها) ..
يبدأ الطالبات في الدخول للقاعة الافتراضية، تمتلأ القاعة ..
أتنفس .. ثم وبصوت يتصنع السعادة والايجابية، أقاوم .. وأسلم عليهن .. قائلة “هلا بنات” ..
وابدأ محاضرتي بصوت يتبسم، فيما أشاهد انعكاس ملامح وجهي في شاشة جهاز الكمبيوتر، شاحبة، تحن وتئن وتذوي.
اليوم الثلاثون بعد المائة:
والدي رجل يعجبه الفأل الحسن، ففي صباح كل يوم من هذه ال 130 يوماً، اعتاد عندما يستيقظ من نومه، أن يكون أول ما يقوله لي:
- أبشّرك، اكتشفوا لقاح لفايروس كورونا المستجد، وها هم يجرون عليه التجارب ..
- وكل ما أفعله، أن ابتسم .. أهز رأسي، وأتذكر الأخبار والتقارير الصحية اليومية ..
فاللهم، لأبي بشارته، ولقلبه العافية، ولنا جميعاً الفرح والبشر.
1| رمضان 1441
وجاء شهر الرحمة والغفران، جاء أحب الشهور إلى قلوب المسلمين .. موائد الإفطار، توزيع وجبات الإفطار على الصائمين .. تبادل صحون الإفطار، التي كانت بين الجيران .. روائح البخور والمستكة .. الماء المبخر .. القهوة “الحالية” بعد الإفطار .. صلوات التراويح ..
2| رمضان 1441
جدّد إيمانك
اليوم كتبتُ في إحدى صفحاتي:
كورونا إعادة توازن:
- للأرض
- للطبيعة
- للبيئة
- للحياة
- للإنسان
- للصحة النفسية والجسدية، والفكرية ..
نحن في عزلة؛ لتشحنك، وتعيد صياغة وكتابة فلسفات الحياة والإيمان من جديد ..
اليوم 4 رمضان 1441
صدرت اليوم قرارات بتخفيف الحظر، ورفعه جزئياً، والسماح بفتح عدد من القطاعات التجارية، وفق اجراءات احترازية صارمة ..
الأهم بالنسبة لنا كسيدات، هو إعادة فتح المراكز التجارية من التاسعة صباحاً، وحتى الخامسة عصراً .. حيث سيتمكن الجميع من شراء ملابسهم واحتياجاتهم ..
- ستعود الحياة تدريجياً ..
- لهفة تحتوينا، فهل سنلتزم بتعليمات التباعد الاجتماعي؟؟
العيد قادم، العيد يلوح في الآفاق ..
5 رمضان 1441
إنها الحرب لا تبقي ولا تذر
أخبار .. أخبار .. أخبار
في تمام الساعة الثامنة صباحاً، نشرتُ اختبار المادة التي أقوم بتدريسها للطالبات، من خلال نظام التعليم الالكتروني -البلاكبورد- عينيّ على الشاشة، أراقب دخول الطالبات، للقاعة الافتراضية ..
وأتصفح الأخبار، التي تحمل عناويناً قاتمة هذا الصباح، إذ نشرت جامعة جونز هوبكنز تقريراً، مفاده أن وفيات فايروس كوفيد 19، في أمريكا، تتجاوز حصيلة قتلى الأمريكيين في حرب فيتنام.
وتشير تقارير أخرى، إلى عودة حالات الإصابة في ألمانيا للارتفاع؛ وذلك بسبب تخفيفها لقيود الحظر المنزلي، وها هي الآن تتراجع عنه.
وبينما انتظر دخول باقي الطالبات لآداء الامتحان الافتراضي، غفوتُ.
6| رمضان 1441
وجدناه وجدناه
في صباح كل يوم تعلن أمريكا، أنهم وجدوا لقاحاً لعلاج كورونا المستجد، واليوم الرئيس الأمريكي السيد ترامب، وفي مؤتمره الصحفي، يتساءل عن قدرة المعقمات، على قتل الفايروس خلال دقيقة؛ إذا تم حقن الشخص المصاب بها؟؟ .. مستشارته الصحية، الدكتورة بريكس، تقبع في زاوية، وتنظر إليه باستخفاف وصدمة!!
شركة ريكيت بينكرز الأمريكية، لصناعة المعقمات، التي تُنتج معقمات ومطهرات عالمية مثل “ديتول” ، أصدرت بياناً، يحذر من استخدام وشرب منتجاتهم التعقيمية.
اليوم يؤكد الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير الأطباء في البيت الأبيض، وعضو فريق جائحة كورونا، أن عقار “رمديسيفير”، أظهر أثراً واضحاً، في علاج مرضى فايروس كورونا ..
- هل وجدوه حقاً؟
7| رمضان 1441
النجاح العظيم (لم يرسب أحد)
صندوق النقد الدولي، يعلن أن الأزمة الاقتصادية الحالية، الناتجة عن جائحة كورونا، ستكون أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم.
وعلى كل حال، أعلنتُ أنا اليوم نتائج امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني لطالباتي، في مرحلة البكالوريوس، وبنجاح، لكافة الطالبات ..
هناك ما يبهج .. وثمة أفراح صغيرة، تعمر قلوبنا، رغم الكساد المتوقع!!
9| رمضان 1441
في 1 مارس 2020، كان عدد الوفيات في أمريكا حالتين فقط.
في 1 أبريل، كان عددهم 4780 وفاة.
اليوم 1 مايو 2020، وصل عددهم إلى 64943 وفاة.
واليوم تقول الأخبار أن رئيس الولايات المتحدة، يأمل أن لا يزيد عدد الوفيات عن مائة ألف شخص!!
كما تقول الأرقام أن عدد الوفيات حول العالم، بلغ 242879 حالة وفاة.
- هل تشمون رائحة الموت؟؟
ثورة الشك
10| رمضان 1441
اضطررنا اليوم، لكسر قليل من التعليمات، حول منع التجمعات العائلية، اشتقنا لأخواتي، والاجتماع العائلي، واشتاقت إليهم سفرة وافطار رمضان الجماعي ..
اجتمعنا، وكانت الخشية، والحذر تطوف الأركان، وزوايا الإفطار، وحبّات التمر ..
- هل يخاف المُحب، ممن يُحب؟؟ إنني أكاد أشك في نفسي، ولا أستطيع معانقتهم، ومبادلتهم الأشواق!!
فالتعليمات والبروتوكولات الاحترازية الصحية تقول أن “السلام نظر” ..
13| رمضان 1441
استيقظتُ ببعض الحرارة في جسدي، وشيء من احتقان في حلقي وصداع برأسي!!
امسكتُ جهازي الجوال، اقرأ عن أعراض وباء الكوفيد-19، التي حفظتها عن ظهر قلب، وقرأتها عشرات المرات ..
- تعب وإرهاق شديد
- ارتفاع في درجة الحرارة
- ألم بالحلق
- صداع قوي
- سعال جاف
- ضيق في التنفس
غفوتُ.
الضيق يطبق على صدري، وأنفاسي، بل وحتى رؤيتي ..
حضر منسوبي وزارة الصحة، لنقلي للمستشفى، سأبقى في المستشفى، لأربعة عشر يوماً، وقد تزداد حالتي سوءاً، نظراً لضعف جسدي ومناعتي.
تطورت حالتي الصحية ..
ادخلوني لقسم العناية الفائقة ..
وضعوا الأكسجين، وأنابيب التغذية ..
يحاولون انعاشي ..
توقف قلبي ..
توفيتُ..
تجمع أفراد عائلتي ..
غسّلوني ..
كفنوني ..
حملوني ..
أمي صرخت صرخة، جعلتني استيقظ، من غفوتي، وبجانبي فنجان قهوتي، البارد، وأقراص مضادة للصداع!!
14| رمضان 1441
الكيرم
وبعد آذان الظهر استيقظتُ، ولا زال الصداع يدق رأسي ..
اضطررت للعودة إلى السرير قليلاً، علّه يهدأ.
بدأت سفرة إفطار رمضان، بالتناقص، وأعني أعداد الأطباق، وكمياتها، ورغبتنا في التهامها .. وهكذا اعتدنا كل عام .. إذ تمتلىء بداية الشهر، بجميع الأصناف وتفيض، ثم تتقلص في منتصف الشهر، وتكاد تتلاشى في نهايته .. وهكذا هي النفس، أهواء واشتهاءات ..
بعد صلاة المغرب، تناولنا القهوة ..
التلفزيون، وقنواته الإخبارية، وتقاريره ..
والدتي تقرأ في شريط الأخبار:
عدد المصابين بفايروس كورونا المستجد، حول العالم، يقارب الملايين الأربعة!!
صلّينا العشاء والتراويح ..
ووضعنا طاولة الكيرم، والدي وأنا ..
والدي يضرب الأحجار، باحتراف، يُتقن اللعبة، يهتم بعدد الأحجار التي يقوم بادخالها، وجمعها، فيما أنا يهمني متابعة الحجر الأحمر وغطاه ..
واكتفي .. هكذا هي قوانين اللعبة في نظري!!
15| رمضان 1441
عودة آمنة
وصلت شقيقتي قادمة من بريطانيا، ضمن حملة السعودية – عودة آمنة – للمسافرين العالقين خارج السعودية ..
قضت أسبوعاً، في الحجر الصحي، في أحد أرقى فنادق جدة، على نفقة حكومة المملكة العربية السعودية.
واليوم وصلت إلينا ..
سأخبركم أننا لم نتمكن من رؤيتها، ومعانقتها، استجابة لتعليمات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، إذ يجب أن لا تخالطنا، وأن تستكمل فترة الحجر، والقسوة ..
هل رأيتم، مسافراً يعود من سفره، دون لقاء واستقبال؟؟
هل شعرتم، بأنين صالات الوصول في المطارات، وهي تشكي، أشواقهم وأشواقها المكتومة؟؟
هذا الوباء حرمنا إطفاء شوق المسافة ..
نخشاهم ويخشوننا!!
لا أتذكر، متى كانت آخر مرة، مددتُ يدي، مُصافحة؟؟!!
بكيت حد النشيج، حينما استقبلناها، أثناء وصولها إلى منزلها برفقة زوجها وبناتها، افتراضياً، عبر الشاشات وبرامج الفيديو.
أكاد لا أسمع نبضات قلبي ..
16| رمضان 1441
عبث الشيب بمفرقي، وخصلات شعري ..
تركته، دون تلوين، شاهداً على هذه المرحلة ..
الآن أصبح يغطي، كامل مقدمة شعري ..
- كم لبثنا؟؟
18| رمضان 1441
اليوم الخمسون، من الاعتصام بالمنزل ..
تتكاثر ..
الأفكار ..
والأوجاع ..
وكثير من ألم .. ووحدة.
20| رمضان 1441
ها قد ابتدأت الليالي العشر .. الليالي المباركة ..
وما زالت المساجد، تتجرع وحدتها، وفراق الراكعين، الساجدين، المعتكفين ..
ومؤذن مسجد الحي ينادي، أن صلّوا في بيوتكم.
ال 29 من رمضان قرار حاسم
وإذ يقترب العيد، وتتحرى القلوب الرؤية واللقاء، والفرح، والعيد، ويرتفع مؤشر عدد الحالات المصابة، وتزداد حالات التعافي والشفاء ..
ونزداد توجساً وخيفة وشكاً .. وحرصاً علينا، ولمنع ارتفاع عدد الإصابات، فقد أعلنت الحكومة السعودية، فرض حظر التجوال الكامل، طوال الأيام الأربعة الأولى من العيد!!
لم ننم ليلة العيد، كل البيوت مستيقظة، ومن خلف النوافذ، نستمع للهدوء الخارجي .. وننطفئ ..
ليلة عيد الفطر المبارك 1441
في ليلة العيد، تم تطبيق قرار منع التجول الكلي ..
وحين أصبحنا .. جاء العيد، وحيداً .. غريباً .. يتيماً ..
افتعلنا مساحة للفرح، والمعايدة، وشئ كالعيد، وبعض من بهجة موبوءة ..
تراءى أمامي سؤال؟ أين الذين ارهقوا مسامعنا في كل عيد، بترديد أبيات “عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيد” ..؟؟ تمنيت أن ألتقيهم!!
- هل تنبأ المتنبي، بعيد لنا كهذا؟؟ هل تنبأ وهو في زمنه العباسي، بظهور زمن يدعى “التباعد الاجتماعي” .. واجتياح وباء كورونا، حتى غدا “أمّا الأحبةُ فالبيداءُ دونَهُمُ، فلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ” ؟؟
- في رابع أيام العيد، تم إنهاء قرار الحظر الكلي .. وعلى أنغام أغنية “زين” الدعائية “افتحوا الأبواب” .. تم فتح الأبواب، مع رفع قرار الحظر .. وألتقينا، ونحن نرتدي الكمامات، ونعقم أيدينا، ونُسلم على بعض بالنظر.
كتبت في سنة كورونا 1441 – 2020